رسالة مفتوحة الى قيادة حركة حماس: في الشروط الاستراتيجية للمرحلة الجديدة
Middle East Online
بقلم: الطاهر الأسود
ينبغي عدم الوقوع في منزلق الاعتقاد بان الاعتدال خيانة وطنية، ويجب الحرص على اتزان نموذجي بين الجاذبية الدينية المؤثرة بشكل متزايد عربيا ورؤية براغماتية لا تنسى أنها تعيش في عالم معقد.
ميدل ايست اونلاينالسادة أعضاء المكتب السياسي وقيادة الداخل وأعضاء قائمة التغيير والاصلاح من حركة المقاومة الاسلامية. ليس هناك من شك أن كثافة التنسيق الراهن حول ما طرأ على الوضع السياسي الجديد لن تترك مجالا كبيرا لقراءة مقالات الرأي أو الاستماع لنصائح عابرة للقارات. ولكننا نشعر بحاجة كبيرة لإبداء بعض الملاحظات المتعلقة بالمسائل الاستراتيجية والتي ستحتاجكم في كل الأحوال بعض الوقت للتشاور والتأمل حتى يتم تعديلها، وهو ما نعتقد أنه أصبح متوقعا وضروريا في الظرف الراهن، بعكس الجانب الاداري والحكومي والذي يحتاج الحسم الفوري. وفي هذا الاطار نأمل أن تجد هذه الملاحظات، التي تتعلق بالجانب الاستراتيجي، طريقها الى أصحاب القرار من قيادات وكوادر الحركة.
فلسطين القضية المركزية العربية... في "الاصلاح"
اعتاد الخطاب العربي طوال السنين الماضية على ترديد مسألة محورية وهي اعتبار القضية الفلسطينية بمثابة القضية المركزية للأمة العربية والاسلامية. ولكن الترديد المستمر لهذه الرؤية نزع عنها طابعها الواقعي والممكن (مثلا عندما كانت مصر وسوريا في مواجهة عسكرية ليس فقط لتحرير أراضيهما بل لتحرير فلسطين) الى طابع شعاراتي كان يغطي على واقع متزايد يشير الى تحمل متزايد الشعب الفلسطيني لمسؤوليته التاريخية المباشرة وهو ما حدث تحديدا منذ سنة 1965 ثم وبشكل حاسم منذ انتفاضة 1987. وبالرغم من شرعية القول بالطابع المركزي الذي يحتله الهم الفلسطيني لدى المواطن العربي وهو ما ينعكس خاصة كلما حاولت الأنظمة العربية الانخراط في التطبيع مع اسرائيل فإنه يمكن القول أن المحدد الرئيسي لمصير الشعب الفلسطيني هو واقعيا بين أيدي هذا الشعب وليس بين أيدي أنظمة عربية واسلامية تتبنى قضيته كما حدث في مرحلة من المراحل.
مقابل ذلك فنعتقد أن الوضع الفلسطيني قج أصبح يحمل بشكل سريع ومتزايد وزرا جديدا ليس له علاقة حصرية بالمواجهة مع اسرائيل. يتعلق ذلك بأن العملية السياسية الداخلية الفلسطينية قد تحولت عمليا الى نموذج عربي في الاصلاح لا يقبل المقارنة مع أي من الأقطار الحربية "المحررة" و"المستقلة". إن المرحلة الفلسطينية الجديدة هي جديدة عربية الى حد يمكن اعتبارها مدخلا لمرحلة عربية جديدة. هذا فقط للتأكيد على الأهمية التاريخية لما جرى والذي يتلخص في التالي: إن الظرف الجديد هو ظرف غير مسبوق، فلأول مرة في التاريخ العربي تحدث انتخابات تشريعية حرة بحق ويصعد الى الحكم التيار الذي يحصل على أكثرية أصوات الناخبين. وبعكس التجربة الجزائرية المبتورة فإن الحدث الفلسطيني يتم في إطار من الهدوء والمسؤوليتين الكاملتين بالرغم (و ربما أيضا بـ"فضل") تهديد الاحتلال الاسرائيلي. إن شكل تسيير حماس للحكومة المقبلة ليس له علاقة بحسابات داخلية فلسطينية فحسب بل له ايضا علاقة قوية بوضع عربي جديد، ومن ثمة ما سيحدث في فلسطين في علاقة بمسيرة الدمقرطة سيؤثر بشكل كبير على ما سيحدث في الباقي العربي.
حماس كنموذج للتيار الاسلامي المعتدل
كنا حاججنا على امتداد السنتين الأخيرتين أن تيارا أساسيا من النيومحافظين على قناعة بدعم انفتاح العملية السياسية العربية على التيار الاسلامي المعتدل، ومنه حركة حماس. وهو بالمناسبة، ولكي نتجاوز اللغط الذي يحاول تفسير "الاعتدال" هنا بالخيانة الوطنية، التيار الذي لا يرغب ولا يعمل على فرض أجندة إسلامية أحادية الرؤية على المجتمع العربي حتى ولو وصل الى السلطة وهو بذلك التيار الذي يقبل التوافق على عملية سياسية داخلية تحترم التناوب والتعددية. وهذا التيار معتدل بعكس الأجندة القاعدية التي تروج للحروب الأهلية و"الاصلاح بالسيف" كما يحاجج منظرها الرئيسي السيد أيمن الظواهري. إن حركة حماس، ومثلها في ذلك حركة حزب الله، من التنظيمات العربية النادرة التي حافظت على اتزان نموذجي بين الجاذبية الدينية المؤثرة بشكل متزايد عربيا ورؤية براغماتية لا تنسى أنها تعيش في عالم معقد يتجاوز حدود جدالات فقهية من القرون السابقة. بالاضافة الى كل ذلك تتصدر حماس، وأيضا حزب الله، صدارة المقاومة الوطنية عربيا وهي في هذا المجال ليست معتدلة إلا بالقدر الذي يجعل العمل المسلح أداة واقعية تفهم السقف السياسي لعملية التحرير بعكس الأطراق القاعدية التي لا ترى في السقف السياسي لعملية التحرر الوطني سوى زندقة وخروجا عن مبادئ الاسلام. ولا يحتاج الأمر الى تحليل طويل لفهم الأهمية الخاصة في الظروف العربية والدولية الراهنة الى اقتران أجندة وطنية، لا يمكن المزايدة عليها من قبل أي طرف، بأجندة داخلية تستهدف الاصلاح. حيث أصبح بعض المخاتلين والمتجمدين في قوالب قديمة يبررون ترددهم في الانخراط في قضايا الداخل بحجة اقتران شعارات الاصلاح بالأجندة الأمريكية. لا يمكن لهؤلاء تقديم الدروس لحركة حماس في مسألة الاصلاح الداخلي ولا تحتاج الأخيرة الى الاستماع الى نحيب هؤلاء الذي سيتركز على "خطأ" حركة حماس في خوض الاتخابات وبأن ما حصل هو "فخ أمريكي". فهؤلاء يعشيون الآن خارج التاريخ حتى لو كانت نواياهم الوطنية طيبة.
في الموقف الأمريكي: "الديمقراطية أم السلام؟"
كنا قد بينا في أكثر من مرة (أنظر مثلا: "التيار الاسلامي المعتدل في مواجهة اختبارات الحوار الأمريكي وتحديات التيار القاعدي" القدس العربي 27 و28 تشرين الأول/اكتوبر 2005) أن هناك أطرافا مؤثرة في الادارة الأمريكية (و ليس صحفيين أو مسؤولين سابقين بعيدين عن مواقع القرار) تدفع باتجاه التعامل مع حركة حماس كطرف فلسطيني لا يمثل "تهديدا وجوديا" للولايات المتحدة ومن ثمة يجب التفاهم معه واشراكه في العملية السياسية. وقد كان تنظيم محادثات القاهرة من قبل النظام المصري المدخل الأمريكي العملي للتهيئة لذلك. وبعيدا عن ترديد الرئيس بوش للجمل المعتادة حول أن الحركة "ارهابية" والتي ركزت عليها وسائل الاعلام فإن قراءة جيدة لتصريحاته تؤدي بنا الى جملة محورية حيث أكد على أن "الديمقراطية في الشرق الأوسط هي طريق السلام" وهو ما يعني بشكل واضح أنه مهما كانت الأطراف التي ستصل الى السلطة السياسية فإن ذلك رئيسي على التقدم في عملية السلام. والجميع يعرف الآن أن الرئيس محمود عباس لم يكن ليصر على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في محادثات القاهرة وخاصة إجرائها بحميع قوى المقاومة (بما في ذك حماس) وبنزاهة وهدوء وفي جميع المناطق الفلسطينية المحتلة سنة 1967 بما في ذلك القدس الشرقية لولا دعم الادارة الأمريكية العملي (وليس الكلامي) لذلك. طبعا هذا بالإضافة لضغط الشارع الفلسطيني بما في ذلك الشارع الفتحاوي الذي سئم من القيادة الحالية.
إن هناك الآن في الأوساط السياسية والاعلامية الأمريكية تيارا قويا يضغط على الرئيس بوش ويحذره من "الانعكاسات السلبية" لعملية الدمقرطة في المنطقة العربية. ويطرح هؤلاء بكل قوة سؤال "الديمقراطية أم السلام؟" للتشكيك في خيارات الادارة الأمريكية. ويمثل هذا التيار رؤية "الحالة الثابتة" (status quo) والذين لا يمكن وصفهم بأي حال كمؤيدين للتغيير عربيا سواء في التحرر من الاحتلال أو التحرر من الاستبداد. وليس من المضمون أن لا يؤثر هؤلاء في موقف الادارة خاصة إذا تعاونوا مع طرف من داخل النيومحافظين يعمل بتنسيق كبير مع القيادات الليكودية ويرفض الاعتراف بحماس جملة وتفصيلا ويلوم الولايات المتحدة على موافقتها على مشاركة حماس في الانتخابات (التصريحات المتكررة لنتنياهو). إن التجاوب مع الاستعداد الامريكي الراهن للتفاوض مع الحركة (و الذي لا يجب أن يكون معلنا في هذه المرحلة) هو أمر أساسي للدفع بالظروف الدولية بشكل متزايد للتغيير. ومنا هو معروف الآن فإن الطرف الأوروبي لا يفعل شيئا يكون في تناقض مع الارادة الأمريكية (للأسف طبعا ولكن ذلك هو واقع الحال) وبالتالي فلا يجب التوهم بأنه من الممكن تعويض الأمريكيين بالأوروبيين. يجب التفاوض مع الطرفين عبر قنوات سرية وليس مع الطرف الأوروبي فحسب. وكما لمح بعض قيادات الحركة (مرشح حماس في رام الله د. محمود الرمحي) في حلقة الرأي الآخر (الجزيرة 27 كانون الثاني 2005) فإن هناك أصلا مفاوضات غير معلنة مع أطراف رسمية (و ليس غير رسمية) في الاتحاد الأوروبي. ونتوقع أن يبادر الأمريكيون الى مفاوضات مماثلة (إن لم يفعلوا أصلا) في وقت قريب جدا.
تغييرات استراتيجية ضرورية تجاه الشروط الجديدة
وهكذا في ظل هذه الشروط الموضوعية الجديدة والمتمثلة مرة أخرى في: المسؤولية التاريخية في تحقيق الاصلاح والتي تتجاوز الوضع الفلسطيني لتخص الوضع العربي عامة، والمسؤولية تجاه باقي الأطراف الاسلامية المعتدلة والتي أصبح من البين أنها ستكون رافعة أساسية للاصلاح السياسي عربيا، وفي ظل فرصة تاريخية دوليا تتمثل في قناعة أكبر قوة دولية في رئيسية مسألة الاصلاح السياسي ومن ثمة الاعتراف بدور القوى الوطنية في عملية الاصلاح، فإن حركة حماس ستكون في مواجهة سلسلة من التغييرات الاستراتيجية التي يمكن من خلالها التفاعل إيجابيا مع مثل هذه المستجدات.
لقد سطر الشيخ أحمد ياسين مبادئ أساسية لهذه التغييرات منذ سنة 1997 وأكد عليها مرة أخرى سنة 2002. ومن ضمنها إقامة دولة في إطار حدود سنة 1967 بما في ذلك عاصمة في القدس الشريف مقابل هدنة لعشرة أو عشرين سنة تقرر تجديدها الأجيال القادمة. والحقيقة يمكن التعامل مع هذه المبادئ ليس كشروط نهائية بل كرؤية تقبل للتعديل في ظل الظروف الراهنة وهو ما كان سيقوم به الشيخ ياسين والمعروف ببراغماتيته في حالة لم يتعرض للاغتيال ومازال بيننا. ونعتقد أن أهم التعديلات والتفاصيل يمكن أن تكون في شكل مبادرة استراتيجية للحركة تتمثل في الخطوات التالية:
أولا، في علاقة بالحل الدائم القضية الفلسطينية. يتم التعبير الصريح والمعلن عن الموافقة على القرار 242 (وهو الاطار الدولي لموقف قيام الدولة على أراضي سنة 1967) مقابل الحفاظ بشكل دقيق على حق الاستمرار في المقاومة في حالة رفضت اسرائيل للقبول الرسمي والكامل وبدون أي تعديلات على هذا القرار. وفي هذا الاطار يتم التمسك بالقرارات الدولية في علاقة بحق عودة اللاجئين. ويمكن في هذا الإطار أيضا الاعلان رسميا عن القبول بالمبادرة السعودية كما تم التعبير عنها في القمتين العربيتين الأخيرتين كأساس للتفاوض حول الحل الدائم. ومن الضروري هنا تعديل ميثاق حركة حماس على هذا الأساس.
ثانيا، يتم إعلان هدنة غير محددة (لا بعشرة ولا بعشرين سنة) وغير مقيدة لحق رد الاعتداء. والهدنة غير المحددة أفضل اجراء واقعي لأنه من جهة لا تكبل زمنيا الأجيال القادمة من إنهائها في حالة انتهى اختلال موازين القوى الراهن ومن جهة أخرى توفر اطمئنانا لدى الاطراف الدولية بأن الهدنة "غير مؤقتة" زمنيا وهي بالتالي مفتوحة. والهدنة غير مقيدة لحق رد الاعتداء نقطة مهمة كما تبين من الهدنة الراهنة حيث تمنح لقوى المقاومة حق الرد الشرعي بشكل مضبوط ومحدد عل أي اعتداء اسرائيلي محتمل. وفي جميع الأوال يمكن اعتماد تسمية مغايرة لمرحلة الهدنة مثل "اتفاقية عدم اعتداء" أو "اتفاق لوقف إطلاق النار" وهناك أمثلة في القانون الدولي على الطابع العملي والممكن لهذه الصيغة (التفاق المتواصل لأكثر من أربعين سنة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية)، وهي صيغة لا تمنع إقامة علاقات دبلوماسية أو غيرها.
ثالثا، اعتماد قرار استراتيجي يقضي بالاستعداد للتفاوض المباشر مع اسرائيل. إن الدعوات الراهنة التي تدفع في اتجاه ترك هذه المهمة للقيادات القديمة من حركة فتح هي خاطئة. لسبب رئيسي: أن هذه القيادات كانت تفاوض بأسلوب خاطئ يعتمد التنازل على حق المقاومة. إن فشل أسلوب الرئيس عرفات لا يرجع الى اعتماد التفاوض بل الى التفاوض بأسلوب خاطئ يرمي أكثر ما يلزم من الأوراق ولا يكشر بما فيه الكفاية عن أنيابه. وهو الأسلوب الذي تفطن الى خطئه الرئيس الفلسطيني قبل وفاته بسنوات قليلة بعدما فهم أن الأسلوب الاسرائيلي لم يتخل ولو للحظة عن أسلوب اعتماد القوة والعنف وبالتالي فرض حلول غير عادلة. مرة أخرى إن المشكلة ليست في التفاوض بل في كيفية وأسلوب ذلك التفاوض. وهنا يجب أن تلعب قيادات الحركة ذات الخبرة والعلاقات على المستوى الدولي وخاصة التي لها علاقات خبرة مع الولايات المتحدة (مثل السيد موسى أبو مرزوق) بدور طليعي في توفير وجوه جديدة من الحركة تمسك بهذا الملف.
رابعا، يقع دعوة كافة قوى الرفض التي عارضت اتفاقيات أوسلو للعودة للأراضي الفلسطينية المحررة. ويتم إعلان ميثاق شرف للمقاومة (بحميع فصائلها بدون استثناء) يضبط مسألة العمل المسلح ضمن قيادة عسكرية واضحة المعالم تكون نواة لقيادة الأركان المسلحة للدولة الفلسطينية القادمة. وهكذا يتم التفكير جديا في إيجاد إطار وسط يقع ضمنه رسكلة الأجنحة المسلحة للمقاومة كنواة للجيش الفلسطيني الرسمي. وهنا من الضروري تخصيص الجهد اللازم لضمان التعاون مع الأجنحة التي لازالت ترفض العملية السياسية كما هي الآن (سرايا القدس—الجهاد الاسلامي) أو التي لا تتميز بانضباط تنظيمي واضح (كتائب شهداء الأقصى—حركة فتح) وهذه خطوة أساسية لضمان الانسجام في العمل المسلح وهو في ذاته مطلب دولي أساسي عجزت عن توفيره حركة فتح. وفي هذا الاطار من الخطأ الاستمرار في تسليم الأمن الداخلي للقيادات الأمنية الحالية لأنها في كثير من الأحوال معينة على أساس الولاء لحركة فتح. ومن دون الدخول في حركة تصفيات شاملة من الضروري اعتماد المهنية والوطنية في اختيار القيادات الأمنية وهو ما لا يمنع وجود قيادات تتبع لحركة فتح ولكن لا يمكن قصر الجانب الأمني على هذه الأخيرة. فإنهاء إستفراد فتح بالسلطة السياسية يعني فيما يعني إتهاء إستفرادها بالسلطة الأمنية.
خامسا، إيجاد صيغة للجنة دائمة تضمن استمرار صيغة محادثات القاهرة. هذا في حالة عدم التوصل لصيغة إعادة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. ومسألة إعادة التأسيس لا يجب أن تكون مشروطة بالقبول بالميثاق الحالي ولكنها لا يمكن أيضا أن تكون الرجوع الى الميثاق القديم للمنظمة. إن الأمر المهم أنه لا يجب التخلي عن روح و أساس محادثات القاهرة والمتمثلة في وعي قوى المقاومة بدون استثناء بأن "المصلحة الفلسطينية العليا" فوق الجميع ويمكن أن تقضي باعتماد المواجهة السياسية وليس العمل المسلح وحده وحتى ضبطه واستعماله بشكل مسؤول إن لزم الأمر.
هذه نقاط أولية نعتقد أنها أساسية في الانخراط بشكل إيجابي في المجتمع الدولي بلا إفراط في القبول بشروط الآخر وبلا تفريط في الحقوق الوطنية. والأجيال القادمة ستنظر الى هذه المرحلة التاريخية (و من ثمة ما تقوم به حركة حماس) كمرحلة مفصلية في التاريخ العربي المعاصر.
الطاهر الأسود
باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية
">Link
بقلم: الطاهر الأسود
ينبغي عدم الوقوع في منزلق الاعتقاد بان الاعتدال خيانة وطنية، ويجب الحرص على اتزان نموذجي بين الجاذبية الدينية المؤثرة بشكل متزايد عربيا ورؤية براغماتية لا تنسى أنها تعيش في عالم معقد.
ميدل ايست اونلاينالسادة أعضاء المكتب السياسي وقيادة الداخل وأعضاء قائمة التغيير والاصلاح من حركة المقاومة الاسلامية. ليس هناك من شك أن كثافة التنسيق الراهن حول ما طرأ على الوضع السياسي الجديد لن تترك مجالا كبيرا لقراءة مقالات الرأي أو الاستماع لنصائح عابرة للقارات. ولكننا نشعر بحاجة كبيرة لإبداء بعض الملاحظات المتعلقة بالمسائل الاستراتيجية والتي ستحتاجكم في كل الأحوال بعض الوقت للتشاور والتأمل حتى يتم تعديلها، وهو ما نعتقد أنه أصبح متوقعا وضروريا في الظرف الراهن، بعكس الجانب الاداري والحكومي والذي يحتاج الحسم الفوري. وفي هذا الاطار نأمل أن تجد هذه الملاحظات، التي تتعلق بالجانب الاستراتيجي، طريقها الى أصحاب القرار من قيادات وكوادر الحركة.
فلسطين القضية المركزية العربية... في "الاصلاح"
اعتاد الخطاب العربي طوال السنين الماضية على ترديد مسألة محورية وهي اعتبار القضية الفلسطينية بمثابة القضية المركزية للأمة العربية والاسلامية. ولكن الترديد المستمر لهذه الرؤية نزع عنها طابعها الواقعي والممكن (مثلا عندما كانت مصر وسوريا في مواجهة عسكرية ليس فقط لتحرير أراضيهما بل لتحرير فلسطين) الى طابع شعاراتي كان يغطي على واقع متزايد يشير الى تحمل متزايد الشعب الفلسطيني لمسؤوليته التاريخية المباشرة وهو ما حدث تحديدا منذ سنة 1965 ثم وبشكل حاسم منذ انتفاضة 1987. وبالرغم من شرعية القول بالطابع المركزي الذي يحتله الهم الفلسطيني لدى المواطن العربي وهو ما ينعكس خاصة كلما حاولت الأنظمة العربية الانخراط في التطبيع مع اسرائيل فإنه يمكن القول أن المحدد الرئيسي لمصير الشعب الفلسطيني هو واقعيا بين أيدي هذا الشعب وليس بين أيدي أنظمة عربية واسلامية تتبنى قضيته كما حدث في مرحلة من المراحل.
مقابل ذلك فنعتقد أن الوضع الفلسطيني قج أصبح يحمل بشكل سريع ومتزايد وزرا جديدا ليس له علاقة حصرية بالمواجهة مع اسرائيل. يتعلق ذلك بأن العملية السياسية الداخلية الفلسطينية قد تحولت عمليا الى نموذج عربي في الاصلاح لا يقبل المقارنة مع أي من الأقطار الحربية "المحررة" و"المستقلة". إن المرحلة الفلسطينية الجديدة هي جديدة عربية الى حد يمكن اعتبارها مدخلا لمرحلة عربية جديدة. هذا فقط للتأكيد على الأهمية التاريخية لما جرى والذي يتلخص في التالي: إن الظرف الجديد هو ظرف غير مسبوق، فلأول مرة في التاريخ العربي تحدث انتخابات تشريعية حرة بحق ويصعد الى الحكم التيار الذي يحصل على أكثرية أصوات الناخبين. وبعكس التجربة الجزائرية المبتورة فإن الحدث الفلسطيني يتم في إطار من الهدوء والمسؤوليتين الكاملتين بالرغم (و ربما أيضا بـ"فضل") تهديد الاحتلال الاسرائيلي. إن شكل تسيير حماس للحكومة المقبلة ليس له علاقة بحسابات داخلية فلسطينية فحسب بل له ايضا علاقة قوية بوضع عربي جديد، ومن ثمة ما سيحدث في فلسطين في علاقة بمسيرة الدمقرطة سيؤثر بشكل كبير على ما سيحدث في الباقي العربي.
حماس كنموذج للتيار الاسلامي المعتدل
كنا حاججنا على امتداد السنتين الأخيرتين أن تيارا أساسيا من النيومحافظين على قناعة بدعم انفتاح العملية السياسية العربية على التيار الاسلامي المعتدل، ومنه حركة حماس. وهو بالمناسبة، ولكي نتجاوز اللغط الذي يحاول تفسير "الاعتدال" هنا بالخيانة الوطنية، التيار الذي لا يرغب ولا يعمل على فرض أجندة إسلامية أحادية الرؤية على المجتمع العربي حتى ولو وصل الى السلطة وهو بذلك التيار الذي يقبل التوافق على عملية سياسية داخلية تحترم التناوب والتعددية. وهذا التيار معتدل بعكس الأجندة القاعدية التي تروج للحروب الأهلية و"الاصلاح بالسيف" كما يحاجج منظرها الرئيسي السيد أيمن الظواهري. إن حركة حماس، ومثلها في ذلك حركة حزب الله، من التنظيمات العربية النادرة التي حافظت على اتزان نموذجي بين الجاذبية الدينية المؤثرة بشكل متزايد عربيا ورؤية براغماتية لا تنسى أنها تعيش في عالم معقد يتجاوز حدود جدالات فقهية من القرون السابقة. بالاضافة الى كل ذلك تتصدر حماس، وأيضا حزب الله، صدارة المقاومة الوطنية عربيا وهي في هذا المجال ليست معتدلة إلا بالقدر الذي يجعل العمل المسلح أداة واقعية تفهم السقف السياسي لعملية التحرير بعكس الأطراق القاعدية التي لا ترى في السقف السياسي لعملية التحرر الوطني سوى زندقة وخروجا عن مبادئ الاسلام. ولا يحتاج الأمر الى تحليل طويل لفهم الأهمية الخاصة في الظروف العربية والدولية الراهنة الى اقتران أجندة وطنية، لا يمكن المزايدة عليها من قبل أي طرف، بأجندة داخلية تستهدف الاصلاح. حيث أصبح بعض المخاتلين والمتجمدين في قوالب قديمة يبررون ترددهم في الانخراط في قضايا الداخل بحجة اقتران شعارات الاصلاح بالأجندة الأمريكية. لا يمكن لهؤلاء تقديم الدروس لحركة حماس في مسألة الاصلاح الداخلي ولا تحتاج الأخيرة الى الاستماع الى نحيب هؤلاء الذي سيتركز على "خطأ" حركة حماس في خوض الاتخابات وبأن ما حصل هو "فخ أمريكي". فهؤلاء يعشيون الآن خارج التاريخ حتى لو كانت نواياهم الوطنية طيبة.
في الموقف الأمريكي: "الديمقراطية أم السلام؟"
كنا قد بينا في أكثر من مرة (أنظر مثلا: "التيار الاسلامي المعتدل في مواجهة اختبارات الحوار الأمريكي وتحديات التيار القاعدي" القدس العربي 27 و28 تشرين الأول/اكتوبر 2005) أن هناك أطرافا مؤثرة في الادارة الأمريكية (و ليس صحفيين أو مسؤولين سابقين بعيدين عن مواقع القرار) تدفع باتجاه التعامل مع حركة حماس كطرف فلسطيني لا يمثل "تهديدا وجوديا" للولايات المتحدة ومن ثمة يجب التفاهم معه واشراكه في العملية السياسية. وقد كان تنظيم محادثات القاهرة من قبل النظام المصري المدخل الأمريكي العملي للتهيئة لذلك. وبعيدا عن ترديد الرئيس بوش للجمل المعتادة حول أن الحركة "ارهابية" والتي ركزت عليها وسائل الاعلام فإن قراءة جيدة لتصريحاته تؤدي بنا الى جملة محورية حيث أكد على أن "الديمقراطية في الشرق الأوسط هي طريق السلام" وهو ما يعني بشكل واضح أنه مهما كانت الأطراف التي ستصل الى السلطة السياسية فإن ذلك رئيسي على التقدم في عملية السلام. والجميع يعرف الآن أن الرئيس محمود عباس لم يكن ليصر على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في محادثات القاهرة وخاصة إجرائها بحميع قوى المقاومة (بما في ذك حماس) وبنزاهة وهدوء وفي جميع المناطق الفلسطينية المحتلة سنة 1967 بما في ذلك القدس الشرقية لولا دعم الادارة الأمريكية العملي (وليس الكلامي) لذلك. طبعا هذا بالإضافة لضغط الشارع الفلسطيني بما في ذلك الشارع الفتحاوي الذي سئم من القيادة الحالية.
إن هناك الآن في الأوساط السياسية والاعلامية الأمريكية تيارا قويا يضغط على الرئيس بوش ويحذره من "الانعكاسات السلبية" لعملية الدمقرطة في المنطقة العربية. ويطرح هؤلاء بكل قوة سؤال "الديمقراطية أم السلام؟" للتشكيك في خيارات الادارة الأمريكية. ويمثل هذا التيار رؤية "الحالة الثابتة" (status quo) والذين لا يمكن وصفهم بأي حال كمؤيدين للتغيير عربيا سواء في التحرر من الاحتلال أو التحرر من الاستبداد. وليس من المضمون أن لا يؤثر هؤلاء في موقف الادارة خاصة إذا تعاونوا مع طرف من داخل النيومحافظين يعمل بتنسيق كبير مع القيادات الليكودية ويرفض الاعتراف بحماس جملة وتفصيلا ويلوم الولايات المتحدة على موافقتها على مشاركة حماس في الانتخابات (التصريحات المتكررة لنتنياهو). إن التجاوب مع الاستعداد الامريكي الراهن للتفاوض مع الحركة (و الذي لا يجب أن يكون معلنا في هذه المرحلة) هو أمر أساسي للدفع بالظروف الدولية بشكل متزايد للتغيير. ومنا هو معروف الآن فإن الطرف الأوروبي لا يفعل شيئا يكون في تناقض مع الارادة الأمريكية (للأسف طبعا ولكن ذلك هو واقع الحال) وبالتالي فلا يجب التوهم بأنه من الممكن تعويض الأمريكيين بالأوروبيين. يجب التفاوض مع الطرفين عبر قنوات سرية وليس مع الطرف الأوروبي فحسب. وكما لمح بعض قيادات الحركة (مرشح حماس في رام الله د. محمود الرمحي) في حلقة الرأي الآخر (الجزيرة 27 كانون الثاني 2005) فإن هناك أصلا مفاوضات غير معلنة مع أطراف رسمية (و ليس غير رسمية) في الاتحاد الأوروبي. ونتوقع أن يبادر الأمريكيون الى مفاوضات مماثلة (إن لم يفعلوا أصلا) في وقت قريب جدا.
تغييرات استراتيجية ضرورية تجاه الشروط الجديدة
وهكذا في ظل هذه الشروط الموضوعية الجديدة والمتمثلة مرة أخرى في: المسؤولية التاريخية في تحقيق الاصلاح والتي تتجاوز الوضع الفلسطيني لتخص الوضع العربي عامة، والمسؤولية تجاه باقي الأطراف الاسلامية المعتدلة والتي أصبح من البين أنها ستكون رافعة أساسية للاصلاح السياسي عربيا، وفي ظل فرصة تاريخية دوليا تتمثل في قناعة أكبر قوة دولية في رئيسية مسألة الاصلاح السياسي ومن ثمة الاعتراف بدور القوى الوطنية في عملية الاصلاح، فإن حركة حماس ستكون في مواجهة سلسلة من التغييرات الاستراتيجية التي يمكن من خلالها التفاعل إيجابيا مع مثل هذه المستجدات.
لقد سطر الشيخ أحمد ياسين مبادئ أساسية لهذه التغييرات منذ سنة 1997 وأكد عليها مرة أخرى سنة 2002. ومن ضمنها إقامة دولة في إطار حدود سنة 1967 بما في ذلك عاصمة في القدس الشريف مقابل هدنة لعشرة أو عشرين سنة تقرر تجديدها الأجيال القادمة. والحقيقة يمكن التعامل مع هذه المبادئ ليس كشروط نهائية بل كرؤية تقبل للتعديل في ظل الظروف الراهنة وهو ما كان سيقوم به الشيخ ياسين والمعروف ببراغماتيته في حالة لم يتعرض للاغتيال ومازال بيننا. ونعتقد أن أهم التعديلات والتفاصيل يمكن أن تكون في شكل مبادرة استراتيجية للحركة تتمثل في الخطوات التالية:
أولا، في علاقة بالحل الدائم القضية الفلسطينية. يتم التعبير الصريح والمعلن عن الموافقة على القرار 242 (وهو الاطار الدولي لموقف قيام الدولة على أراضي سنة 1967) مقابل الحفاظ بشكل دقيق على حق الاستمرار في المقاومة في حالة رفضت اسرائيل للقبول الرسمي والكامل وبدون أي تعديلات على هذا القرار. وفي هذا الاطار يتم التمسك بالقرارات الدولية في علاقة بحق عودة اللاجئين. ويمكن في هذا الإطار أيضا الاعلان رسميا عن القبول بالمبادرة السعودية كما تم التعبير عنها في القمتين العربيتين الأخيرتين كأساس للتفاوض حول الحل الدائم. ومن الضروري هنا تعديل ميثاق حركة حماس على هذا الأساس.
ثانيا، يتم إعلان هدنة غير محددة (لا بعشرة ولا بعشرين سنة) وغير مقيدة لحق رد الاعتداء. والهدنة غير المحددة أفضل اجراء واقعي لأنه من جهة لا تكبل زمنيا الأجيال القادمة من إنهائها في حالة انتهى اختلال موازين القوى الراهن ومن جهة أخرى توفر اطمئنانا لدى الاطراف الدولية بأن الهدنة "غير مؤقتة" زمنيا وهي بالتالي مفتوحة. والهدنة غير مقيدة لحق رد الاعتداء نقطة مهمة كما تبين من الهدنة الراهنة حيث تمنح لقوى المقاومة حق الرد الشرعي بشكل مضبوط ومحدد عل أي اعتداء اسرائيلي محتمل. وفي جميع الأوال يمكن اعتماد تسمية مغايرة لمرحلة الهدنة مثل "اتفاقية عدم اعتداء" أو "اتفاق لوقف إطلاق النار" وهناك أمثلة في القانون الدولي على الطابع العملي والممكن لهذه الصيغة (التفاق المتواصل لأكثر من أربعين سنة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية)، وهي صيغة لا تمنع إقامة علاقات دبلوماسية أو غيرها.
ثالثا، اعتماد قرار استراتيجي يقضي بالاستعداد للتفاوض المباشر مع اسرائيل. إن الدعوات الراهنة التي تدفع في اتجاه ترك هذه المهمة للقيادات القديمة من حركة فتح هي خاطئة. لسبب رئيسي: أن هذه القيادات كانت تفاوض بأسلوب خاطئ يعتمد التنازل على حق المقاومة. إن فشل أسلوب الرئيس عرفات لا يرجع الى اعتماد التفاوض بل الى التفاوض بأسلوب خاطئ يرمي أكثر ما يلزم من الأوراق ولا يكشر بما فيه الكفاية عن أنيابه. وهو الأسلوب الذي تفطن الى خطئه الرئيس الفلسطيني قبل وفاته بسنوات قليلة بعدما فهم أن الأسلوب الاسرائيلي لم يتخل ولو للحظة عن أسلوب اعتماد القوة والعنف وبالتالي فرض حلول غير عادلة. مرة أخرى إن المشكلة ليست في التفاوض بل في كيفية وأسلوب ذلك التفاوض. وهنا يجب أن تلعب قيادات الحركة ذات الخبرة والعلاقات على المستوى الدولي وخاصة التي لها علاقات خبرة مع الولايات المتحدة (مثل السيد موسى أبو مرزوق) بدور طليعي في توفير وجوه جديدة من الحركة تمسك بهذا الملف.
رابعا، يقع دعوة كافة قوى الرفض التي عارضت اتفاقيات أوسلو للعودة للأراضي الفلسطينية المحررة. ويتم إعلان ميثاق شرف للمقاومة (بحميع فصائلها بدون استثناء) يضبط مسألة العمل المسلح ضمن قيادة عسكرية واضحة المعالم تكون نواة لقيادة الأركان المسلحة للدولة الفلسطينية القادمة. وهكذا يتم التفكير جديا في إيجاد إطار وسط يقع ضمنه رسكلة الأجنحة المسلحة للمقاومة كنواة للجيش الفلسطيني الرسمي. وهنا من الضروري تخصيص الجهد اللازم لضمان التعاون مع الأجنحة التي لازالت ترفض العملية السياسية كما هي الآن (سرايا القدس—الجهاد الاسلامي) أو التي لا تتميز بانضباط تنظيمي واضح (كتائب شهداء الأقصى—حركة فتح) وهذه خطوة أساسية لضمان الانسجام في العمل المسلح وهو في ذاته مطلب دولي أساسي عجزت عن توفيره حركة فتح. وفي هذا الاطار من الخطأ الاستمرار في تسليم الأمن الداخلي للقيادات الأمنية الحالية لأنها في كثير من الأحوال معينة على أساس الولاء لحركة فتح. ومن دون الدخول في حركة تصفيات شاملة من الضروري اعتماد المهنية والوطنية في اختيار القيادات الأمنية وهو ما لا يمنع وجود قيادات تتبع لحركة فتح ولكن لا يمكن قصر الجانب الأمني على هذه الأخيرة. فإنهاء إستفراد فتح بالسلطة السياسية يعني فيما يعني إتهاء إستفرادها بالسلطة الأمنية.
خامسا، إيجاد صيغة للجنة دائمة تضمن استمرار صيغة محادثات القاهرة. هذا في حالة عدم التوصل لصيغة إعادة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. ومسألة إعادة التأسيس لا يجب أن تكون مشروطة بالقبول بالميثاق الحالي ولكنها لا يمكن أيضا أن تكون الرجوع الى الميثاق القديم للمنظمة. إن الأمر المهم أنه لا يجب التخلي عن روح و أساس محادثات القاهرة والمتمثلة في وعي قوى المقاومة بدون استثناء بأن "المصلحة الفلسطينية العليا" فوق الجميع ويمكن أن تقضي باعتماد المواجهة السياسية وليس العمل المسلح وحده وحتى ضبطه واستعماله بشكل مسؤول إن لزم الأمر.
هذه نقاط أولية نعتقد أنها أساسية في الانخراط بشكل إيجابي في المجتمع الدولي بلا إفراط في القبول بشروط الآخر وبلا تفريط في الحقوق الوطنية. والأجيال القادمة ستنظر الى هذه المرحلة التاريخية (و من ثمة ما تقوم به حركة حماس) كمرحلة مفصلية في التاريخ العربي المعاصر.
الطاهر الأسود
باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية
">Link